لینک های روزانه
    آمار بازدید
    بازدیدکنندگان تا کنون : ۲۰۰٫۶۷۴ نفر
    بازدیدکنندگان امروز : ۱۰۱ نفر
    تعداد یادداشت ها : ۱۱۵
    بازدید از این یادداشت : ۱٫۱۰۲

    پر بازدیدترین یادداشت ها :


    تنویه



    على الرغم من البحوث العديدة التي تتناول
    الفرقة الكرامية، إلا أنه لا تزال هناك جوانب رئيسية في هذه الفرقة لم تطلها يد
    الباحثين، وذلك لتشتت الآثار المتبقية عن هذه الفرقة، ومن هذه الآثار مخطوطة
    الإيضاح في القراءات لأحمد بن أبي عمر الأندرابي(المتوفى عام 470هـ) موضوع مقالنا
    هذا، الذي ذيّلناه بنبذة عن الأندرابي وبعض المحطّات المهمة في كتابه، وذلك خلال
    استعراضنا لبعض نشاطات الفرقة الكرامية في مجال العلوم القرآنية والتفسير، لنختم
    المقال ببحث حول مخطوطة زين الفتى في تفسير سورة هل أتى.

    إنّ تناوب صروف الدهر ودوام تقلّب الأوضاع الاجتماعية في المدن، هي السمات التي
    امتاز بها العالم الإسلامي، فمدينة نيشابور ظلت لثلاثة قرون(3-6 الهجري) حلبة
    للنزاع الفكري بين كبرى الفرق والنحل المختلفة مثل الأشاعرة والكرامية(نسبة إلى
    مؤسسها محمد بن كرام المتوفى عام 255هـ) لتكون بذلك واحدة من أهم مراكز الإشعاع
    الثقافي الإسلامي، و«دار العلم الإسلام» في فترة تألّقها العلمي. تعدّ الفرقة
    الكرامية الأخيرة من تفريعات الحنفية ، لكنّ المدينة المذكورة فقدت موقعها المرموق
    بسبب تواصل حملات التتار.

    لعبت هذه الفرقة طيلة أيام نهضتها دوراً رئيسياً في نشر الثقافة والحضارة
    الإسلامية في أطراف الشرق الإسلامي، ويعود الفضل في انتشار الإسلام في هذه المناطق
    لخدمات الكراميين وتعاونهم، ومن أهم خدماتهم تدوين آثار عديدة في مجال ترجمة
    وتفسير القرآن الكريم إلى اللغة الفارسية، وهو الأمر الذي لم يكن ليحظى باهتمام
    الباحثين.



    والسبب الرئيسي في عدم الاهتمام هذا،
    ضياع أهم المصادر الرئيسية لهذه النحلة، وغمور رجالها، حيث أنه على الرغم من ورود
    أسمائهم في بعض النصوص التي وصلت إلينا، إلا أن تراجمهم غابت عن المصادر، مما يحول
    دون التعرّف على هويتهم الكرامية، كما أن اهتمام الكرامية بالعلوم القرآنية ليس
    بالأمر العجيب.



    ناحية أخرى، تشير
    الرعاية التي حظي بها المناخ الأدبي والثقافي في خراسان

    في ذلك العصر،
    إلى الاهتمام العظيم الذي أولاه العلماء لمسألة تدوين كتب

    التفسير،
    والتي بقي معظمها، وللأسف، على حالته الخطية ولم تطبع، بينما طوى
    بعضها
    الآخر الاندثار، ومن أجل الوقوف على أهمية العلوم القرآنية والتفسير
    عند
    الكرامية، نورد فيما يلي بعض النقاط
    :




    كرامية وعلم التفسير



    تتكشف أولى
    علامات اهتمام الفرقة الكرامية بالتفسير من خلال رواية حول محمد بن كرام. فخلال
    وجوده عند علي بن إسحاق الحنظلي(المتوفى عام 237هـ) في مرو، استمع إلى تفسير ابن
    الكلبي، وعلى الرغم من عدم وجود دليل على أنه قام بنفسه بتدوين هذه المسموعات، لكن
    أتباعه قاموا بالاستفادة مراراً من هذه الرواية، واستمرّ تداولها بينهم، على حدّ
    علمنا بالنصوص الكرامية، حتى القرنين الرابع والخامس الهجريين، وكان عبدالله بن
    مبارك الدينوري أول عالم كرامي بعد ابن كرام يقوم بتدوين وجمع هذه الأحاديث، وقد
    اشتهر تفسيره الواضح، الذي توجد منه عدة نسخ خطية هي: نسخة ليدن برقم
    1651(المدوّنة في عام 726هـ/ 1947م وتضم311 ورقة)، نسخة آياصوفيا برقم
    221(المدوّنة في عام 585هـ/ 1189م وتضم312 ورقة)، نسخة آياصوفيا برقم221(المدوّنة
    في عام 578هـ/ 1182م وتضم 234 ورقة)، وأخيراً نسخة آصفية حيدرآباد برقم 5.

    من جهة أخرى، يشير الداوودي أيضاً إلى تفسير الواضح، لكن لم يتضمّن كلامه تاريخ
    الوفاة أو أيّ معلومات أخرى حول المؤلف وهذا التفسير .

    ينوّه الثعلبي(المتوفى عام427هـ) في تفسيره المعروف إلى هذا الكتاب مشيراً إلى أن
    أباحنيفة القزويني(الهروي) قد رواه لأحد معاصريه وهو أبو بكر محمد بن يعقوب
    الاستوائي . بينما يرى سزگين وريبين أن مؤلف تفسير الواضح هو أبو محمد عبدالله بن
    محمد بن وهب الدينوري(المتوفى عام308هـ) .

    ولكن حسبما أشار فان أس، فبروكلمان هو مصدر هذا الخطأ، وأنّ الدينوري ليس هو مؤلف
    تفسير الواضح. وأغرب من ذلك، فقد نُسب هذا الكتاب إلى عدة أشخاص من قبيل ابن
    الكلبي(المتوفى عام146هـ) والفيروزآبادي(المتوفى عام817هـ). إن ذكر سلسلتي السند
    في بداية هذا التفسير تتيح لنا أن نتوصل إلى هوية المؤلف. ووجود مخطوطات عديدة
    لهذا



    التفسير يرقى تاريخها إلى ما قبل ولادة
    الفيروزآبادي، تقطع الأمل بانتساب هذا التفسير إلى هذا الأخير
    .

    في إحدى
    هذه المخطوطات، وهي مخطوطة المتحف البريطاني
    (Or.9277)
    وردت
    مقدمة
    لا تشابه أخواتها في النسخ الأخرى،
    ونقتطف هنا مقطعاً منها
    :

    «
    يقول
    أبو محمد الدينوري، مؤلف الواضح وجامعه: إن هذا التفسير نهل من مصادر شتى،
    واختصرها لأهل العلم والمعرفة
    ...» .



    والسلسلتان الوارد ذكرهما في
    هذا التفسير هما:



    السند الأول: «أخبرنا
    عبداللّه الثقة بن مأمون المروي (عبدالله بن مأمون الهروي الثقة) قال: اخبرنا ابي
    (مأمون بن احمد سلمي هروي) قال: اخبرنا ابوعبدالله (محمد بن كرام) قال: اخبرنا
    ابوعبيدالله محمود رازي قال: اخبرنا عمار بن عبدالمجيد الهروي قال: اخبرنا علي بن
    اسحاق سمرقندي عن محمد بن مروان (السدي الصغير) عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن
    عباس».

    السند الثاني: «عبدالله بن مبارك (الدينوري) قال حدثنا علي بن اسحاق سمرقندي عن
    محمد بن مروان عن الكلبي عن ابي صالح عن ابن عباس.»

    وعبدالله بن مبارك الدينوري هذا هو غير عبدالله بن مبارك المروزي(المتوفى
    عام181هـ)، حيث يحتمل أنه الوارد اسمه في تاريخ نيشابور والمدفون في الحيرة .

    ووفقاً لما ذكر، يمكن أن ننسب تفسير الواضح أو تنوير المقباس إلى عبدالله بن مبارك
    الدينوري، وهو من علماء الكرامية في نيشابور، وشاهد آخر على انتساب مؤلف التفسير
    إلى الفرقة الكرامية. كما ورد في ترجمة أبي حاتم محمد بن إسحق الخطبي(المتوفى
    عام488هـ)، وهو من علماء الكرامية في نيشابور، أنه قد قرأ تفسير الواضح على أبي
    حنيفة عبدالوهاب الهروي.

    إلى جانب التفاسير الروائية، برز الكراميّون في العلوم القرآنية، ويعدّ كتاب فيه
    ما فيه لأبي
    سهل محمد بن محمد بن علي الطالقاني
    الأنماري، العالم الكرامي الشهير، أقدم

    أثر
    وصلنا عنهم، ولم يقتصر على تناول مباحث العلوم القرآنية. ومن سياق
    عبارات
    هذا الأثر، يمكن أن نُقرنه بكتاب المباني لأحمد بن محمد العاصمي
    الذي
    سنتكلم عنه لاحقاً
    .

    وبالنسبة
    للأنماري وكتابه التفسيري فيه ما فيه، فإننا عدا ما نقله العاصمي وبعض المنقولات
    الأخرى، لا نملك أيّ معلومات إضافية
    .

    في زين
    الفتى، يذكر العاصمي مقتطفات حول موضوع ترتيب نزول القرآن الكريم نقلاً عن كتاب
    فيه ما فيههي
    :

    1.
    قد
    ذكره الشيخ أبو سهل محمد بن محمد بن علي الطالقاني الأنماري رحمه
    الله
    في كتاب فيه ما فيه أخبرنا عنه الشيخ أبوالقاسم عبدالله بن محمشاذ
    [ بن
    أسحاق ] بهراة قال أخبرني الشيخ أبوسهل الأنماري (زين الفتى، المخطوطة،
    الورقة
    أ 15، أ 268
    ).

    2.
    ذكره
    الشيخ أبو سهل الأنماري رحمه الله في كتاب فيه ما فيه أخبرنا

    الشيخ
    عبدالله بن محمشاذ رحمه الله بهراة قال أجاز لي الشيخ أبو سهل محمد
    بن
    محمد بن علي الأنماري رحمه الله على يدي أخي أبي عبدالله أحمد بن
    محمشاذ
    بكتاب فيه ما فيه قال أخبرنا...(زين الفتى، المخطوطة، الورقة ب
    16).

    وقد ذكر
    الحسكاني هذه السلسلة من الأسانيد باختلاف مهم وهو: قراءة في

    التفسير
    تأليف أبي القاسم عبدالله بن محمشاذ بن إسحاق قال كتب إلينا أبو
    سهل
    محمد بن محمد بن علي الطالقاني قال
    ... .

    3.
    أخبرنا
    الشيخ أبو عبدالله محمد بن هيصم رحمه الله قال أخبرنا أبو النصر
    محمد
    بن علي الطالقاني قال حدثنا أبوسهل الأنماري (زين الفتى، الورقة ب
    19). من
    هذه الرواية يمكن أن نستنبط أن أبا النصر محمد بن علي الطالقاني
    هو
    راوي كتاب فيه ما فيه
    .

    وعبدالله
    بن محمد بن إسحاق بن محمشاذ الوارد سنده في هذه السلسلة هو أخ
    أحمد
    بن محمد بن إسحاق بن محمشاذ الذي دفن في شط الوادي(محلة في هرات) في
    445هـ. قول العاصمي
    في كتاب فيه ما فيه: ««وهذه الاحاديث كلها مكتوبة علي وجهها في
    كتاب
    فيه ما فيه للشيخ ابي سهل رحمة الله عليه إلا أنه لم يكن عندي
    اسنادها
    و وجدت اسنادها فيما اجاز لي الشيخان ابو عبدالله محمد بن علي و
    الشيخ
    ابوالقاسم عبدالله بن محمشاذ
    ... .».

    وحول
    كتاب فيه ما فيه يقول العاصمي: «يمكن الاستنتاج من الأسانيد الكرامية
    التي
    تحتويها مقتطفات الأنماري، أنّه مارس نشاطه في أواخر القرن الثالث
    وبداية
    القرن الرابع الهجري، وعلى ما يبدو، أنه توفّي في عام 425هـ
    .

    يعتبر
    هذا الكتاب مصدراً مهماً لكتاب كرامي آخر هو كتاب المباني لنظم
    المعاني
    للعالم الكرامي أبي محمد أحمد بن محمد بن علي العاصمي(الذي عاش
    نحو
    العام 425هـ)، وهو من المصادر المهمة في الدراسات القرآنية في الغرب،
    منذ
    عصر نولدكه وحتى العصر الراهن، ولهذا، نرى من المناسب أن نتناول هنا
    المباحث
    المهمة لهذا الكتاب
    .

    يشير
    آرون زيزو في مقالته «نصّان كراميان مجهولان» إلى كراميّة كتاب
    المباني
    وذلك لأول مرة بعد المقالة المتبحّرة لفان أس التي يعرّف فيها
    المصادر
    الكرامية المجهولة. وبالنسبة لإثبات كرامية هذا الكتاب، استعان
    زيزو
    بأقوال ابن كرام ومحمد بن هيصم الواردة فيه. ويعتبر الأخير شخصية
    رئيسية
    في تقنين الفكر الكرامي. ولحفيده أبي الحسن هيصم بن محمد بن

    عبدالعزيز(المتوفى
    عام467هـ) أيضاً كتاب في قصص الأنبياء ، وتقوم السيدة
    Cornelia
    Schoeck
    بتصحيح
    النسخة العربية من الكتاب بالاعتماد على المخطوطة

    الوحيدة
    الموجودة في مجموعة يهودا(جامعة برينستون)، ويؤمل أن يُطبع

    قريباً.

    على
    الرغم من أنّ مشكلة مجهولية مؤلف كتاب المباني لا تزال ماثلة، إلا أنّ
    كلود
    جيلو، وبالنظر لأهمية الكتاب، كتب مقالة مطوّلة، ذكر فيها مصادر
    الأحاديث
    المنقولة في كتاب المباني مع تراجم للرجال الذين يتضمنهم. ويقول
    جيلو
    في خلاصة الكتاب: «كتاب المباني لنظم المعاني مقدمة في تفسير القرآن
    قام
    بتدوينه مؤلف مجهول(شروع التأليف عام425هـ/1034م)»، ولكن الشيء الأكيد
    أنّ
    المؤلف خراساني أو نيشابوري ومتكلم كرامينّ

    البحث
    في سلسلة رواة الأحاديث المذكورين في الكتاب تعيننا على التعرّف على
    أساتذته،
    ولكن ليس إلى الحدّ الذي نتمكّن فيه من تشخيص هويّة المؤلف،

    علاوة
    على أنّ تمحيص تلك الأحاديث سيتيح لنا فهماً أفضل عن حجم مساهمة
    كرامييّ
    خراسان في مجال العلوم القرآنية
    ».

    وقد قام
    آرثر جفري بنشر مقطع من الكتاب ضمن مجموعة أسماها مقدمتان في علوم
    القرآن،
    مع مقدمة تفسير ابن عطية(الموجود في بداية تفسير المحرر الوجيز
    )، وذلك
    في الطبعة الأولى، في القاهرة عام 1954م. وقد شهد الكتاب طبعة ثانية،
    في
    القاهرة أيضاً، على يد عبدالله إسماعيل الصاوي وذلك في عام 1972م
    .

    يتألف
    كتاب المباني من بابين: يضم الباب الأول 10 فصول مطوّلة حول العلوم
    القرآنية،
    أما في الباب الثاني، فيقوم المؤلف بتفسير آيات القرآن الكريم
    الواحدة
    تلو الأخرى، مشيراً إلى معانيها بشكل إجمالي، تماماً كما هو منهج
    النصوص
    الكرامية. والنص الحالي يضمّ سور القرآن الكريم حتى سورة الأحزاب،
    وقد
    استحوذ هذا الكتاب منذ البداية وحتى الوقت الحاضر على اهتمام الغرب في
    العالم
    الإسلامي، بالرغم من عدم احتواء المخطوطة الحالية على اسم المؤلف،
    وقد
    ظلّ مجهولاً حتى عهد قريب، وقد وفّر طبع كتاب زين الفتى - كتاب آخر
    للعاصمي-
    فرصة للتعرّف على مؤلف المباني
    .




    أهمية كتاب المباني



    اتخذت عملية إصلاح
    النصوص في السنوات الأخيرة طابعاً أكثر جدية ونشاطاً، وتكمن أهمية كتاب المباني في
    أنه أتاح فرصة لإصلاح أحد النصوص المهمة المفقودة في مجال العلوم القرآنية ألا وهو
    كتاب الردّ على من خالف مصحف عثمان.

    ينطوي موضوع الزيادة والنقصان في القرآن الكريم، وكذلك مسألة المدى الذي ذهب إليه
    الصحابة في تغيير رسم الخط القرآني في القرنين الثالث والرابع – في حال سلّمنا بأن
    تدوين القرآن الكريم تمّ بعد وفاة الرسول الكريم(ص)- على أهمية خاصة في مجال مباحث
    العلوم القرآنية، وقد أدّى ذلك إلى تدوين آثار في القراءات والمصاحف على مدى
    القرنين الثالث والرابع. للأسف، لم يصلنا مصنّف من النوع الأول، اللهم إلا إشارات
    لابن النديم لأسماء بعضها، مع نقل فقرات منها. ما بالنسبة

    لمصنّفات
    النوع الثاني، ونعني المصاحف، فهناك بعض الكتب المتبقية، حيث أن
    من
    مباحثها المهمة القراءات القرآنية المختلفة المنسوبة للصحابة، أما أهم
    أعلامها
    فهم: عبدالله بن مسعود وأبي بن كعب. وفقاً لبعض الروايات، فإنّ
    مصحف
    ابن مسعود قد غابت عنه ثلاث سور قرآنية هي سورة الفاتحة والناس
    والفلق.
    ومصحف أبي بن كعب أيضاً لم يسلم من الادّعاءات، فقد روي أنّه يضمّ
    سورة
    باسم حفد
    .

    لقد
    فجّر أبو الحسن بن أحمد بن أيوب المعروف بابن شنبوذ(المتوفى عام328هـ
    ) أزمة
    حادّة من خلال إطلاق كتابه، أو لنقل مزاعمه، التي ادّعى فيها أن
    الخليفة
    عثمان ومعه الصحابة قد أضافوا إلى القرآن الكريم أجزاء ليست منه
    في
    الأصل، وعلى هذا الأساس، قام باختيار قراءات أخرى، وكان يقرأها حتى في
    الصلاة .

    في
    المقابل، قام أبوبكر بن مجاهد(المتوفى عام333هـ) بتدوين رسالة في الردّ
    على
    مزاعم ابن شنبوذ بعنوان الردّ على من خالف مصحف عثمان ، لم يصلنا
    نصّها
    الكامل، بل مقتطفات كثيرة تضمّنها تفسيري العاصمي والقرطبي. وطبقاً
    لهذه
    المرويات، يصبح إصلاح هذه الرسالة ممكناً، ونكون بذلك قد أصلحنا أحد
    أهم
    الكتب في مجال تاريخ القرآن الكريم
    .

    لم يشر
    القرطبي في الفقرات المطوّلة التي نقلها من الرسالة إلى ابن شنبوذ،
    ويبدو
    أن ابن مجاهد أيضاً لم يذكره في أصل الكتاب، وسار على خطاهما

    العاصمي،
    ما خلا عبارة في موضع معيّن يقصد بها شخص بعينه . بينما يقف شهاب
    الدين
    عبدالرحمن بن إسماعيل الشهير بأبي شامة المقدسي(المتوفى عام665هـ
    ) في
    كتابه عند هذه النقطة طويلاً، حيث يفرد فصلاً مستقلاً ليشرح بالتفصيل
    موضوع
    القراءات المختلفة، وردّ آراء ابن شنبوذ، وهو ما يفسّر أهمية

    الموضوع.

    وتزامناً
    مع أبي محمد العاصمي، ألّف فقيه كراميّ آخر هو أبو محمد

    عبدالوهاب
    بن محمد الحنفي(أو الحنيفي) تفسيراً باسم الفصول. وتبيّن أسانيد
    هذا
    الكتاب بوضوح إلى أنّه قد استفاد استفادة جمّة من تفسير الواضح
    . والمثير
    أن عالماً شيعياً قام بتلخيصه تحت عنوان اللب واللباب وهو القطب
    الراوندي(المتوفى
    عام573هـ). هذا التلخيص كان في متناول المحدّث

    النوري(المتوفى
    عام1320هـ)، الذيعدّه أحد مصادر كتاب مستدرك الوسائل. ومن مرويّات المحدّث النوري
    يمكن أن
    نستشفّ أنّ الراوندي قام بحذف أسانيد
    الأحاديث، ليجمع في المقابل طائفة من

    الأحاديث
    المرسلة
    .

    من
    المؤلفات الكرامية الأخرى في مجال العلوم القرآنية والتي ظهرت في أواخر
    القرن
    الخامس الهجري، نذكر كتاب الإيضاح لأبي عبدالله أحمد بن عمر

    الأندرابي(المتوفى
    عام470هـ)، موضوع هذه المقالة، وتوجد مخطوطة وحيدة لهذا

    الكتاب
    ، طبع جزء يسير منها


    من
    التفاسير الكرامية الأخرى الموجودة ، تفسير لعالم كرامي يدعى عتيق بن
    محمد
    السورياني(السورآبادي)(المتوفى عام494هـ) ، هذا التفسير مدوّن باللغة
    الفارسية،
    ويضم بين دفتيه معلومات هامّة تفيد الدراسات في مجال الفرقة

    الكرامية،
    خصوصاً أنّ المؤلف قد استفاد كثيراً من المؤلفات الكرامية التي
    سبقته
    . هناك عدّة نسخ من هذه المخطوطة، حيث يبدو أنها تنتمي لمؤلفين
    .




    كتاب الإيضاح



    خلال استعراضه
    للقراء، يذكر شمس الدين محمد بن محمد، الشهير بابن الجزري(المتوفى عام833هـ) شخصاً
    يدعى أحمد بن أبي عمر، المعروف بأبي عبدالله الخراساني، مؤلف كتاب الإيضاح في
    القراءات العشر اختيار أبي عبيد وأبي حاتم. يروي الخراساني القراءات عن أبي الحسن
    علي بن محمد بن عبيدالله الفارسي من أصحاب ابن مهران، عن أبي عبدالله محمد بن أبي
    الحسن علي بن محمد الخبازي عن أبيه، عن أبي بكر أحمد بن الحسين الكرماني عن أصحاب
    الكارزيني عن الحافظ أبي بكر محمد بن عبدالعزيز عن أبي عبدالله محمد بن عبدالحكم
    وغيرهم. يقول الجزري بأن الخراساني توفي بعد العام 500هـ، في حين يظهر عدم علمه
    بالأشخاص الذين تتلمذوا على يديه . يُستنبط من مضمون هذه الموضوعات أن ابن الجزري
    استقى معلوماته من نسخة لكتاب الإيضاح كان يحتفظ بها، ولكن السؤال الآن، من يكون
    أبو عبدالله الخراساني هذا؟

    في موضع آخر، يعرض ابن الجزري معلومات تعتبر رؤوس خيوط يمكن أن توصلنا إلى معرفة
    هوية أبي عبدالله الخراساني. ففي تعريفه لأبي عبدالله محمد بن هيصم المقري يقول ما
    يلي: يعدّ أحد الذين يثق بهم أحمد بن أبي عمر، مؤلف الإيضاح. هناك شخص آخر أيضاً
    روى عن ابن هيصم يدعى حامد بن أحمد، وكذلك لأحمد بن أبي عمر مرويّات عن حامد بن
    أحمد في كتاب الإيضاح. ثم يعقّب ابن الجزري بعد التعريف بحامد بن أحمد
    قائلاً:
    «روى حامد بن أحمد ...أبو محمد،

    القراءات
    عن الإمام أبي عبدالله محمد بن هيصم. وروى عنه أيضاً... مؤلف الإيضاح


    تبيّن
    هذه المرويّات أن مؤلّف كتاب الإيضاح شخص يدعى أحمد بن أبي عمر، وهو
    من
    تلامذة محمد بن هيصم وحامد بن أحمد. لحسن الحظ، أنّ ترجمة فريدة لأحمد
    بن
    أبي عمر في كتاب يتناول سِيَر علماء نيشابور بقيت لحد الآن. كما أنّ
    أبا
    الحسن عبدالغافر بن إسماعيل الفارسي(451- 529هـ) قد ذكر معلومات نادرة
    عن
    أحمد بن أبي عمر في كتابه الشهير السياق. تقول هذه المعلومات أنّ أحمد
    بن
    أبي عمر المقري، الشهير بالأندرابي هو من أصحاب أبي عبدالله محمد بن
    كرام
    ، وقد عُرِف بالوثاقة والزهد والعبادة، وذاع صيته في علم القراءات،
    وله
    فيه مؤلفات عديدة. أقام الأندرابي سنوات طويلة في نيشابور، وقد حضر
    عبدالغافر
    سماعه لصحيح مسلم وكتب أخرى. وفي يوم الخميس، 21 من ربيع الأول
    من
    عام470هـ انتقل إلى جوار ربه، وصلّى على جنازته أبو بكر بن حامد
    يحتمل
    أن يكون ابن حامد بن أحمد الذي ذكره ابن الجزري-، ودفن في مقبرة
    معمر(في
    نيشابور
    ).

    إنّ
    مقارنة هذه العبارات مع بعضها، تظهر أن أحمد بن أبي عمر الخراساني الذي ذكره ابن
    الجزري هو أحمد بن أبي عمر الأندرابي
    .




    أهمية مخطوطة الإيضاح وخصوصياتها



    كما مرّ، فإنّ
    علماء الكرامية كانت لهم مساهمات مرموقة في مجال تأليف كتب العلوم القرآنية،
    وأبوسهل محمد بن محمد بن علي الطالقاني الأنماري مؤلف كتاب فيه ما فيه هو أحدهم،
    والذي لم نعثر على ترجمة له. الكتاب المذكور هو أحد المصادر التي اعتمدها الأنداري
    في تأليف كتابه، وعدا ذلك، استعان الأندرابي أيضاً كما العاصمي من كتاب أو أكثر من
    مؤلفات محمد بن هيصم. التفصيل وتحديد بداية العبارات المرويّة ونهاياتها، مزيتان
    أعطت مرويّات الأندرابي موقعاً متقدماً بالمقارنة مع مرويّات العاصمي، وطبقاً
    لهذا، توفّرت لنا فرصة تمييز ملاحظات العاصمي عن ابن هيصم.

    كما أن الأندرابي قد روى بعض الفقرات عن العالم الكرامي أبي الحسين عبدالرحمن بن
    محمد(بن محبور التميمي)، ويبدو من سياق العبارات، أنّ الفقرات المنقولة، قد نقلت
    عنه حتى



    قبل هذا التصريح. وقد وردت بعد ذكر عدد
    من الملاحظات حول بعض النصوص المهمة من هذا الكتاب
    .



    بعد بيانه لسبب نزول القرآن
    على سبعة أحرف، يقول الأندرابي:



    « فقد تواترت الأخبار بنزول القرآن على سبعة أحرف وتفسير السبعة
    الأحرف التي نزل بها القرآن عند أكثر العلماء أنها سبع لغات من لغات قريش يختلف
    ولا يتضاد بل هي متفقة المعنى وغير جائز عندهم أن يكون في القرآن لغة لا تعرفها
    قريش لقوله عزّ وجل «وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه لنبيّن لهم» و قوله عزّ
    وجلّ «بلسان عربي مبين» وإنما كان كذلك لإن قريشاً تجاور البيت وكانت أحياء العرب
    تأتي البيت للحج فيسمعون لغاتهم ويختارون من كل لغة أحسنها فصفا كلامهم واجتمع لهم
    مع ذلك العلم بلغة غيرهم لذلك (ص 18).»

    وبعد نقله لعدة روايات تدل على نزول القرآن على سبعة أحرف، يستعرض تفسيرات العلماء
    عن معنى (سبعة أحرف) كما يلي:

    «و قال بعض العلماء معنى السبعة الاحرف انها لغة سبع قبائل من العرب: قريش و قيس و
    تميم و هذيل و اسد و خزاعة و كنانة لمجاورتهم قريشاً و قال آخرون معناها سبع لغات
    من لغات العرب من أي لغة كان متفرقة في القرآن مختلفة الالفاظ متفقة المعاني يدل
    على ذلك ما روى الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه أنه قد وسع
    لي أن أقرئ كل قوم بلغتهم و قال آخرون معناها أن يقول في صفات الرب تبارك وتعالى
    مكان قول غفوراً رحيماً، عزيزاً حكيماً، سميعاً بصيراً ونحو هذا يدل على ذلك ما
    روى جبير عن الضحاك أن النبي صلي الله عليه قال اقرأوا القرآن على سبعة أحرف ما لم
    تختموا مغفرة بعذاب أو عذابا بمغفرة أو جنة بنار او نارا بجنة وقال آخرون: إن لفظ
    السبعة في هذا جاء على جهة التمثيل لأنه لو جاء في كلمة أكثر من سبع قراءات جاز أن
    يقرأ بها كما جاء لمثل ذلك لفظ السبعين في قوله ان يستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر
    الله لهم ألا ترى أنه لما قال النبي صلي الله عليه لأزيدن علي السبعين أنزل الله
    تعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم روي هذا عن الحسن
    ووجه ذلك أن السبعة والسبعين عند العرب أصل للمبالغة في العدد قال علي بن عيسى لأن
    التعديل في نصف العدل وزيادة واحد لأدنى المبالغة وزيادة اثنين لأقصى المبالغة،
    فالسبعة وسط من العلة والكثرة قال ولهذا قيل للأسد



    سبع لأنه قد ضوعف
    سبع مرات هو وسط بين الصغر والأكبر وقال بعضهم هي سبع لغات في الكلمة
    وهذا
    القول لا تصح لأنه لا توجد في كتاب الله عز وعلا حرف قرئ على سبعة
    أوجه(ص
    19
    ).»

    بعدها
    ينتقل إلى نقل عبارة للعالم الكرامي عبدالرحمن بن محمد بن محبور التميمي
    :

    «
    قال
    الشيخ الإمام أبوالحسين عبدالرحمن بن محمد رحمه الله المختار من هذه
    الأقاويل
    هو القول الأول لأن كل ما ذكر بعده راجع إليه ودال إليه والعرب
    تسمى
    لحرف المقطوع من حروف المعجم حرفا والكلمة المنصوصة حرفا ولهذا قيل
    للقراءة
    حرف وللغة حرف يدل على ذلك ما روي عن زائدة قال قلت لسليمان يعني
    الأعمش:
    أكانوا تكرهون أن تقولوا على قراءة فلان وحرف فلان؟ فقال سليمان
    : ما
    زلت أسمع الناس يقولون على حرف عبدالله(ص 20
    ).»

    مسألة
    أخرى ظلّت موضع تأكيد مختلف المصادر ألا وهي شخصية محمد بن هيصم،
    والدور
    الذي لعبه في شرح الآراء الكلامية الكرامية، لذا، فلا عجب أن ينقل
    عنه
    الأندرابي. تنطوي الفقرة التالية، التي نقل العاصمي معظمها، على
    ميزتين:
    الأولى، تصريح رواية الأندرابي بالنقل عن ابن هيصم، الثانية،

    أنّها
    أكمل من باقي الروايات. وفي ضوء العبارة المنقولة، ومرويّات العاصمي
    التي
    تصدّرت بحث القراءات السبع، تكون عبارة الأندرابي في النص الأصلي
    لكتاب
    ابن هيصم قد أتت بعد فقرة العاصمي
    .

    تشكّل
    بعض آراء الأندرابي القرآنية، نقطة أخرى مثيرة للاهتمام في كتاب
    الأندرابي.
    على سبيل المثال، بعد أن يستعرض أخباراً وافرة تفيد أن أبا بكر
    كان
    أول من جمع القرآن الكريم(مخطوطة الإيضاح، الورقة20ب- 23أ) يقول
    :

    «
    واعلموا
    أسعدكم الله أن القرآن قد كان مجموعاً على عهد رسول الله صلي

    الله
    عليه، فانه ما نزلت آية الا و قد امر رسول الله صلي الله عليه من كان
    يكتب
    له أن يضعها في موضع كذا من سورة كذا وما نزلت سورة إلا وقد أمر
    الكاتب
    أن يضعها بجنب سورة كذا، يدل علي ذلك ما اخبرنا به ابوبكر محمد بن
    عبدالعزيز...(مخطوطة
    الإيضاح، 23أ
    ).»

    مسألة
    درك معاني القرآن كانت أيضاً من النقاط التي لفتت انتباه الأندرابي،
    فبعد
    أن يستعرض بعض الأحاديث الشريفة في فضل القرآن الكريم يقول: «قيل
    والفائدة
    للقارئ في ذكر ما فيذا
    الفصل بعد ذكر
    الفضائل أن يعلم أنه يحتاج إلى العمل بالقرآن مع قراءته وأن

    لا يرضى
    لنفسه بإقامة حروفه وإقامة حدوده وأن لا تتكبر على غيره بقراءة
    ومعرفة
    علومه بل يتواضع لوجه ربه كي ينال ثوابه».(مخطوطة الإيضاح،

    الورقة8أ).




    مشايخ الأندرابي طبقاً لـ«الإيضاح



    إحدى مزايا مخطوطة
    الإيضاح، التعريف بمشايخ الأندرابي، وأبرز هؤلاء:

    «أبوبكر محمد بن عبدالعزيز الحيري، المتوفى 451هـ (مخطوطة الإيضاح، الورقة 4 أ، 7
    أ، 7ب) ؛ أبوالقاسم عمر بن أحمد البستي (نفس المصدر السابق، الورقة 5 أ)؛ أبوسعيد
    محمد بن علي الخشاب، المتوفى 456هـ (نفس المصدر السابق، الورقة 5 ب) ؛ أبوعلي حسن
    بن حسين المقري البخاري الذي أجاز للأندرابي بالرواية (نفس المصدر السابق 5 ب، 8
    ب)؛ أبوعثمان سعيد بن محمد البحيري (نفس المصدر السابق، الورقة19أ) ؛ أبوالحسين
    عبدالرحمن بن محمد (بن محبور التميمي) (نفس المصدر السابق، الورقة 11أ)؛ أبوعمرو
    محمد بن يحيى، المتوفى 427هـ (نفس المصدر السابق، الورقة9ب) .

    شخص آخر هو، أبو عمرو محمد بن يحيى له كتاب بعنوان في قوارع القرآن، وصلتنا منه
    نسخة وحيدة ونادرة. في بداية الكتاب، ذكرت إجازة السماع، حيث ورد اسم الأندرابي
    ضمن مجموعة الأفراد الذين استمعوا للكتاب.

    ومن خلال إلقاء نظرة على مباحث الكتاب ومقارنتها مع مخطوطة الإيضاح يتبيّن بوضوح
    استعانة الأندرابي بهذا الكتاب. ففي الورقة 38أ، ينقل الأندرابي عن أبي عمرو
    حديثاً شريفاً حول السبع الطوال، وفضل القرآن على التوراة وكتب أخرى، حيث ورد هذا
    الحديث الشريف في كتاب في قوارع القرآن(ص29- 30).

    هذا، وقد تعدّدت حالات النقل عن أبي عبدالله محمد بن هيصم في هذا الكتاب. ثمّة
    حالتان مهمّتان، الأولى، رواية عن كتاب فيه ما فيه دون ذكر هذا الاسم صراحة، لكنّ
    محتوياتها تطابق تماماً ما نقل عن العاصمي في كتاب المباني، مثلاً، يروي الأندرابي
    عن الأنماري مقتطفات بهذه السلسلة من الأسانيد: خبرنا

    أبومحمد
    حامد بن أحمد قال أخبرنا أبوعبدالله محمد بن الهيصم قال حدثنا أبو
    النصر
    محمد بن علي الطالقاني قال حدثنا أبوسهل محمد بن علي بن الأشعث
    الأنماري
    قال حدثنا عبدالله بن محمد بن سليم قال حدثنا صالح بن محمد

    الترمذي
    قال حدثنا محمد بن مروان عن الكلبي....(مخطوطة الإيضاح، الورقة 42
    ب
    - 44 ب
    ).

    وردت
    هذه الفقرة كاملة في كتاب المباني(ص8- 16). كما أن الأندرابي ينقل
    للأنماري
    عن كتابه فيه ما فيه فقرة تتعلق باختلاف المصاحف، ووفق هذه

    السلسلة
    من الأسانيد
    :

    أخبرني
    أبومحمد [حامد بن أحمد] قال أخبرنا محمد [بن الهيصم] قال أخبرنا
    أبوالنصر
    محمد بن علي قال أخبرنا أبوسهل الأنماري قال أخبرنا أبوالعباس
    أحمد
    بن محمد...السجزي (الإيضاح، الورقة 27 ب). لم تذكر هذه الفقرة في
    المباني.




    مخطوطة زين الفتى



    أصدر الأستاذ محمد باقر محمودي أخيراً
    كتاباً بعنوان العسل المصفى في تهذيب زين الفتى. وقد شرحت هذا الكتاب ومزاياه،
    لذا، هنا في هذه العجالة اكتفي بذكر بعض النقاط حول المخطوطة الأصلية التي اعتمدها
    الأستاذ محمودي في عملية التحقيق، والتطرق إلى المحاور التي لم أشر إليها من قبل.

    النقطة الأولى الجديرة بالذكر هي المؤلفات التي استعرضها العاصمي في كتابه، وتقسّم
    إلى مجموعتين: الأولى، مؤلفات الآخرين، وأهمها: كتاب المناقب لمحمد بن أسلم ، كتاب
    أسباب التوبة لأبي سعد عبدالملك بن أبي عثمان الواعظ الخرگوشي، تاريخ الطالبيين
    للحافظ الجعابي، تاريخ النيسابوريين لأبي محمد عبدالرحمن بن أحمد بن محمد العماري،
    التلفيق لسهل بن محمد، الجامع لإسحق بن راهويه، الجامع لمحمد بن إسماعيل البخاري،
    الجامع لمسلم بن الحجاج القشيري، ربيع القلوب لإبراهيم بن أحمد الحلواني، الكامل
    لأبي العباس المبرد، مسند أحمد بن بليد(كذا)، مشكل الآثار لأبي جعفر الطحاوي،
    وأخيراً كتاب لأبي العباس أحمد بن سعيد المشهور بابن عقده(المتوفى في 333هـ).
    بالإضافة إلى مؤلفات أخرى لسلسلة من المؤلفين المجهولين أتى على ذكرها هذا الكتاب
    ، آخر هذه السلسلة والذي كان معاصراً للعاصمي هو أبو سعد عبدالملك بن محمد بن
    إبراهيم الشهير بأبي سعد الخرگوشي(المتوفى عام 407هـ). لمجموعة
    الثانية
    من هذه المؤلفات هي مؤلفات العاصمي نفسه، والتي من جملتها: ديباج
    المذكرين،
    الإبانة والإعراب، والمباني لنظم المعاني. وقد وردت إحالات

    للعاصمي
    إلى كتاب المباني في المواضع التالية
    :



    1. يقول في ختام بحثه للآية 143 من سورة البقرة:



    و ما جعلنا القبلة التي كنت
    عليها، أي كنت عليها قبل أن نولينك قبلة ترضاها وتهواها على ما ذكرنا في كتاب
    الإبانة [ و ] الإعراب وفي كتاب المباني لنظم المعاني فذكر[ ت ] لها وجها من تقديم
    أو تاخير أو صرف إلى معنى أنت ولم يذكر ذلك... (مخطوطة زين الفتى، الورقة 41أ؛
    العسل المصفى، ج 1 ص 84-85).

    2. وحول سبب استخدام كلمة فضة في الآية 23 من سورة الحج يقول:

    وقد قلنا في كتاب المباني يحتمل أن الله سبحانه ذكر في هذه السورة الفضة لأنه ذكر
    قبلها السندس الخضر والاستبرق، فذكر بعدها حلي الفضة...». (نفس المصدر السابق،
    المخطوطة، الورقة 48 ب ؛ العسل المصفى، ج 1 ص 96).



    3. وعن خصائص سورة هل أتى
    يقول العاصمي:



    وأما الذي وعدناه من ذكر نظم
    هذه السورة بعد ذكر فوائدها فهو أحق ما نفتتح به بعد الفراغ من ذكر الفوائد وإن
    كنا قد أوردنا لنظم آيات القرآن كتاباً وعنونّاه بكتاب المباني لنظم المعاني و
    بينّا [ هناك ] مقدمات الكلام في هذا الفن الذي لا يسع لمن يتكلم في القرآن
    الاغفال عنها...(مخطوطة زين الفتى، الورقة 52أ ؛ العسل المصفى، ج1، ص 102).

    4. في البحث عن أوجه الشبه بين حالتي النبي موسى(ع) والإمام علي بن أبي طالب(ع)،
    يشير إلى إحدى احتجاجات موسى فيقول:

    وقد بيّنت وجوه الاحتجاج التي في هذا الفصل في كتاب المباني لنظم المعاني فكذلك
    المرتضى رضوان الله عليه...(زين الفتى، الورقة 206أ؛ العسل المصفى، ج2، ص 8).

    مع هذه التصريحات، لا يتبقّى أيّ شك في انتساب كتاب المباني لنظم المعاني- المطبوع
    من قبل جفري- إلى العاصمي. كما نستنتج أن نص الكتاب هو أكمل من النسخة الحالية
    المتوفرة.



    المسألة الأخرى، هي
    مخطوطة أو مخطوطات كتاب زين الفتى. المحقق العزيز، في مقدمة الكتاب، لم
    يجب
    تقريباً عن السؤال، فكما بيّنت في الذيل، من جملة النسخ المتوفرة من
    مخطوطة
    زين الفتى، لعلّ ثمّة نسخة واحدة بمثابة الأصل، وبقية المخطوطات
    استنساخات
    متأخرة لها
    .

    يستعرض
    المُفَهْرِس شمس العلماء محمد هدايت حسين خان في فهرس المخطوطات التابعة لمكتبة
    بيهار(بوهار) مخطوطة بهذه المواصفات
    :

    مخطوطة زين
    الفتى في تفسير هل أتى، شرح لهذه السورة المباركة لأبي محمد
    أحمد
    بن محمد بن علي العاصمي. السقوط في المطلع هو: وسماته أصدق السمات
    وأصله
    أزكى الأصول
    .

    ويقول المؤلف في
    المقدمة أنه تفسير لسورة الرحمن، وأنّه قام بتدوينه تلبية
    لطلبات
    الأصدقاء. الورقة 12ب- 13أ، تضم أحاديث في مناقب الإمام علي(ع
    ). وشمل
    الكتاب الفصول التالية
    :

    الفصل الأول في
    ذكر النزول وعدد آيات السورة وحروفها وكلماتها وثواب
    قارئها(13ب)،
    الفصل الثاني في ذكر إعراب هذه السورة ووقوفها(38أ)، الفصل
    الثالث
    في ذكر بعض فوائد هذه السورة على وجه الايجاز والاختصار(41ب
    )، الفصل الرابع في ذكر نظم هذه
    السورة وتلفيق آياتها وخصائصها(أ 63)، الفصل
    الخامس
    في ذكر مشابهة المرتضى سلام الله عليه (أ 81)، الفصل السادس في ذكر
    أسامي
    المرتضى سلام الله عليه (أ 354)، الفصل السابع في ذكر خصائص المرتضى
    سلام
    الله عليه، الفصل الثامن في ذكر خصائص السبطين، الفصل التاسع في
    فضائل
    أهل البيت والعترة والفصل العاشر في فضائل الصحابة
    .


    أما الفصول
    الأربعة الأخيرة، فهي مفقودة في هذه النسخة، الورقتان أ386،
    أ387
    خالية. والجزء الأخير من المخطوطة أتت عليها الأرضة. وقد تداول على
    كتابتها
    عدة خطاطين، يرقى تاريخ كتابتها إلى العام 1271هـ
    .


    هذا بالضبط ما
    ورد من مواصفات للمخطوطة التي اعتمدها السيد محمودي في
    طبعته
    المحققة. نعلم أن مخطوطة زين الفتى كانت محفوظة عند أحد علماء
    الشيعة
    المعاصرين وهوميرحامد حسين،
    مؤلف الكتاب الشهير عبقات
    الأنوار، وقد أورد حديث الغدير نقلاً عن هذا
    الكتاب،
    ومن ثم نقله عن هذا الأخير العلامة الأميني
    .


    ويشار إلى أن
    النسخة التي كانت بحوزة المرحوم ميرحامد حسين هي أيضاً
    استنساخ
    لنسخة السيد محمودي. وعلى هذا الأساس، نتلمّس من ملاحظات السيد
    عبدالعزيز
    الطباطبائي الخاصة بالتعريف بمخطوطة زين الفتى، وجود عدّة نسخ
    لهذا
    الكتاب، وأنها جميعاً لا تعدو عن كونها استنساخات لمخطوطة بيهار.65



     



     



     



    .



     



     




    این مقاله را شخصی به نام جنید الله از فارسی به عربی ترجمه کرده که لازم دیدم به نام او که زحمت این کار را کشیده در اینجا بیاورم. بحث دربارۀ هویت نویسندۀ کتاب المبانی مجادلات و مناقشات فراوانی را در http://vb.tafsir.net/tafsir۴۹۰۵/#.VDRQNFf۰xjM به دنبال داشته که مراجعه به آن مفید است
    چهارشنبه ۱۴ بهمن ۱۳۸۸ ساعت ۹:۱۲
    نظرات



    نمایش ایمیل به مخاطبین





    نمایش نظر در سایت